لن يُعصر الزيتون هذا الموسم
نشر في:
التأثير المدمر للحرب على مزارعي الزيتون
في أراضي فلسطين ولبنان الخلّابة، اعتُبرت أشجار الزيتون منذ فترة طويلة رمزًا للسلام والأمل والصمود. على مرّ الأجيال، اعتمد مزارعو هذه المناطق على زراعة الزيتون وإنتاج زيت الزيتون كمصدر عيش لهم. ولكن هذا الموسم، لن يُعصر الزيتون كالسنوات الماضية. هذا العام تقف حقول الزيتون شهادةً صارخةً على آثار النزاعات المستمرة في الشرق الأوسط.
تاريخ عريق لزيت الزيتون في غزة
يحتل زيت الزيتون مكانة خاصة في قلوب أهالي غزة، حيث يعود تاريخه إلى قرون مضت. عادةً، تنتج غزة أكثر من 5000 طن من زيت الزيتون سنويًا، مساهِمةً بشكل كبير في اقتصاد المنطقة وفي الدخْل الأساسي لعائلات كثيرة. على الرغم من التحديات التي يفرضها الوضع السياسي المعقد في المنطقة، تمكّن مزارعو غزة من زراعة بساتين الزيتون وإنتاج بعضٍ من أفضل أنواع زيت الزيتون في العالم. ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، حوّلت الحروب المستمرة هذه البساتين الخيّرة إلى مناطق خطرٍ وموت.
تأثير النزاع في غزة
خلال هذه الحرب، تعتمد إسرائيل سياسة “الأرض المحروقة،” بما في ذلك تدمير أشجار الزيتون المعمّرة في غزة. هذه الأشجار التي يبلغ عمر بعضِها مئات السنين وتوارث على رعايتها أجيال عدة، تحولّت إلى رماد خلال دقائق. لم تمحِ هذه الأعمال جزءًا من التراث الثقافي في غزة فحسب، بل وقد حرمت العديد من العائلات من مصدر رزقهم الرئيسي.
في الضفة الغربية: حصاد خطير
وضع مزارعي الزيتون في الضفة الغربية ليس بأفضل. عادةً، تنتج الضفة الغربية أكثر من 30,000 طن من زيت الزيتون سنويًا. الآن، يُمنع المزارِعون وعائلاتهم من الوصول إلى أشجارهم ويتعرضون لهجمات من المستوطنين أثناء محاولتهم جني ثمار الزيتون. كما يتم سرقة الحصاد أو تدميره، وفي بعض الحالات، حرق الأشجار. إن بساتين الزيتون التي كانت في وقت مضى تجسيدًا للسلام والازدهار، أصبحت الآن ساحة للصراع والتوتر.
حقول الزيتون في الجنوب اللبناني غير آمنة
في جنوب لبنان، أصبحت بساتين الزيتون بالقرب من الحدود اللبنانية الإسرائيلية ميدانًا خطرًا بسبب الاشتباكات التي تحدث في المنطقة. يواجه المزارعون تهديدات بالهجوم إذا جرأوا على الاقتراب من أشجار الزيتون الخاصة بهم، مما يحرمهم من الوصول لمحصولهم السنوي. عادةً ما تساهم المنطقة الحدودية في جنوب لبنان بحوالي 5,000 طن من زيت الزيتون من منتوج لبنان السنوي. والأسوأ هو استخدام إسرائيل خلال الضربات الأخيرة للفوسفور الأبيض المحظور دوليًا، مما أدى إلى تدمير أكثر من 40,000 شجرة زيتون في جنوب لبنان، مخلّفًا نظامًا بيئيًا كاملًا في حالة خراب.
تأثير جسيم على البيئة
تتجاوز آثار هذه النزاعات مزارعي الزيتون ورزقهم. فقد تم تدمير أراضٍ حرجية خضراء شاسعة، مما يؤثّر على التوازن البيئي ويهدد الحياة البرية. بالإضافة إلى ذلك، تمّت عرقلة جهود رجال الإطفاء اللبنانيين في محاولاتهم لإخماد الحرائق الناجمة عن هذه الأعمال التدميرية.
تذكير صارخ بالتكلفة البشرية للنزاعات المستمرة
لن يُعصر الزيتون هذا الموسم، فقد أصبح ضحيّة الاعتداءات المستمرة في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان. الخسارة هنا أبعد من الأثر الاقتصادي، فهي تمسّ جوهر الثقافة والتراث في هذه المناطق.
إنها تذكير صارخ بأنه في أوقات الحرب، الأبرياء والضعفاء هم أكثر من يعاني. عندما نراقب هذا الوضع المؤلم، لا يمكننا غير أن نأمل في مستقبل أفضل يمكن فيه لأشجار الزيتون في فلسطين ولبنان، ولمَن يرعاها، أن تزدهر مرة أخرى، وتعود رمزاً للصمود وجزءًا من هوية المنطقة.
OUR BLOG
Related
English في هذا السجل، ستقدم أنيرا تحديثات حول الوضع المتغير في فلسطين و استجابتنا. يرجى متابعة هذه الصفحة للحصول على أحدث المعلومات. 12 تشرين الثاني 2024 : أصدرت أنيرا مع سبع منظمات إنسانية أخرى اليوم تقييمًا للأوضاع الإنسانية في غزة…
في هذا السجل، سنقدم تحديثات حول استجابة أنيرا في ظل الأحداث الأخيرة في لبنان. يرجى متابعة هذه الصفحة للحصول على أحدث المعلومات. English 15 تشرين الثاني 2024 قام فريق أنيرا في الشمال اليوم بتوزيع 599 بطانية و45 حقيبة لوازم شتوية مقدمة من…
English في هذا السجل، ستقدم أنيرا تحديثات حول الوضع المتغير في فلسطين و استجابتنا. يرجى متابعة هذه الصفحة للحصول على أحدث المعلومات. 6-7 تشرين الأول 2024 : بالأمس، صدرت أوامر إخلاء لكل منطقة شمال غزة، حيث بدأ الناس من بيت…